الثلاثاء، 1 مايو 2012


لمقال بعنوان : ننحني لطفولة لطيفة
الكاتب :سليمان القحطاني
أخصائي العلاج النفسي. الرياض


لتكن الانطلاقة من تساؤلات طفلة تبلغ العاشرة من عمرها.. أنيقة .. عذبة.
كان حوارها يقذف حمم تتدحرج في أسئلة أظن أن وزارة التربية قد تعجز عن منحها إجابة شافية لماذا حتى الآن لم تقبلني المدرسة.وحتى المدرسة الأهلية شبه توقفت بين التردد والقبول على مضض.

إنها الطفلة لطوفي..

شاء القدر أن تكون مختلفة في قدرتها العقلية عن أخوتها وعن أقرانها لكن تساؤلها مشروعا. بل صارخا وابتسامتها آسرة لا تمل من التحديق فيها.
طفلة بكل ما فيها قد تكون في دار كل واحد منّا. قد تكون ابنتك.أو أختك. لحظتها سيكون الشعور مغايراً. وستجد بقائها دون مدرسة مسألة فاتكة تعيق يومك فتكون معاقا في نفسك. لان الله هو من أراد أن تكون اقل في مظهر من مظاهر نموها بينما مظاهر نموها الأخرى لا تلمح اختلافا ، ولا ترى إلا إمكانية وقدرة بأن تعيش كأي طفلة ، وكأي مواطنة تشق مسار حياتها. فإن خسرنا تحصيلها الدراسي بالقدر الذي يكتسبه طفل طبيعي فإن بقية جوانب حياتها يجب أن لا تتعطل ، وكي لا تتعطل علينا أن نكثف الأبعاد الأخرى من شخصيتها فإن الأولى بالمدرسة تشرع أبوها بأرق كلمة كل صباح تملأ مسمعها وابتسامة منّا لا تفارقنا إذا رأيناها، وعلينا نحن الانحناء لطفولتها. لأشعارها أنها فعلا مختلفا. ومتفردة. ونحن العاجزين على التنقيب في إيجابياتها.

لا جدال أن من ضمن مقاييس مستوى تحضر أي مجتمع مدى اهتمامه لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى والمسنين ، ومنحهم حقوقهم ، وإن سلبت حقوقنا.
لست بصدد أبراز إيجابية الدمج أو الجهود المبذولة والخطط المرسومة والقوانين التي سنت لأطفال التربية الخاصة فواقع مدارسنا منذ سنين في تصاعد في إلحاق البرامج المختلفة لذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس التعليم العام المشكلة والإشكالية هي في وعي المجتمع ككل ثم في فريق المدرسة من إدارة ومعلمين لا يمتلكون من الوعي تجاه هذه الفئة إلا مسماها ، لجهلهم بخصائصهم ، وابسط الحقائق العلمية والنفسية والتربوية عن شخصيتهم وطبيعي سيكون التعامل معهم قائم على مبدأ المحاولة والخطأ أو مبدأ الشفقة والرحمة المفرطة بينما الحقيقة والواقع أن ذوي الاحتياجات الخاصة لا يطلبون إلا من يتفهم أوضاعهم ويحقق مطالبهم بتوفير الظروف التي تسمح لهم بالعيش بكرامتهم اعتمادا على ذواتهم رغم إعاقتاهم المختلفة التي يعانونها وقد ارتضوها وتكيفوا معها في حين إن مصدر توترهم في تعامل الغير في المدرسة أو جوانب الحياة . إن نمتلك المعلومة الصحية والفنيات المناسبة للتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة يعني استمرار وتزامن سيشعر به الطفل عبر مراحل نموه منذ أول خطوة يخطوها خارج أسرته ، إلى أن يصل إلى مدرسته مع التلاميذ العاديين ، وإن أختلف معلموه ، والمناهج الخاصة لإعاقته .
•لعلي أضرب مثالاً لفئة المكفوفين الذين اعتدنا كمجتمع رؤيتهم وفكرتنا النمطية أنهم يدرسون في معاهد اسمية بالنور يتعلمون القراءة ويكتسبون العلم لكنهم يبقون في محيط متجانس في تعاملهم وطريقة تفكيرهم لأنهم محصورين في عالمهم . بينما في المقابل نجد البعض من المكفوفين الذين حظوا بالدراسة مع العاديين لظروف لم يكن في قريتهم أو مدينتهم معهدا للمكفوفين تعلموا أشياء إيجابية وانخرطوا في تفاعلهم مع الآخرين فبرز منهم ناجحين في حياتهم وعطائهم بينما ألاف أمثالهم توارى رغم قدراتهم لخسارتهم ممارسة الحياة كما هي.وقس على هذا معظم الإعاقات حتى لو فشلوا في تحصيلهم أو لم يوفقوا إلا أننا :

•كمجتمع في حال وعينا تجاههم لن نخسرهم بشرا لهم مشاعرهم ولهم أحلامهم ، ولهم آلامهم . فكونهم ينجحون في وعيهم لذاتهم ويتقبلون إعاقتهم هذا بدوره يعني شخصية قادرة على العطاء ، والأخذ كل في حدود ما سلبه الله من قدرة أو حاسة.

•اتجاهات نحو ذوي الاحتياجات الخاصة ينطوي في داخلها معتقدات خاطئة وبعض منها مشوشة وثالث منها جهل اعتمدت على قيم اجتماعية سلبية سائدة شبه متوارثة لها تأثيرها الخاطئ في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة . تلك اتجاهات تشكلت من خلال معتقدات لها طابع الثبات إزاء تلك الفئة ، وهذه الاتجاهات استجابات وجدانية لمعتقدات مكتسبة توجه سوك الأفراد وفقا لقناعات خاطئة ستنعكس دون أدنى شك على النظرة والتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة.

•إن السؤال الذي دوما أطرحه على نفسي ويؤرقني حين أكون في الميدان لأحد المدارس التي بها برنامج ملحق لذوي القدرات العقلية الأقل ، والقابلين للتعلم أو حتى ضعاف السمع . أجهد لكثرة الأسئلة تجاه تلك الفئتين و عرض مواقف تحدث منهم أو مواقف طارئة أو تعامل بعض معلميهم أو المشرفين لدخولهم وخروجهم وتفسحهم فأجدني عاجزاً . بل أعود لنفسي فأرى أخطاء لا أقدر على حصرها في التعامل مع الأطفال العاديين في المدرسة لرؤيتي أدواة ما زالت تمارس للضرب أو حتى التهويش ، - رغم المنع التام من قبل وزارة التربية والتعليم- وألفاظا لا تليق بمعلم أو أداري تصدر منه وهو مربي فيسمعها الطفل دون أن ندري إن بعض الكلمات تدمر الذات لأنها أشد من ضربة عصى حتى لو كسرت عظم الطفل الذي سيجبر وينسى آثار ألمه الجسدي بينما الأذى النفسي أخراج شخصيات مهزوزة ، واضطرابات نفسية ، وعدم ثقة بالنفس وفقد لأبسط مهارات التعامل مع الآخرين. أطفال سيكبرون منهم من سيعاني الخوف ، والرهاب ، وإن كانت درجات تحصيله الدراسي عالية.وفي نفس الوقت لا أقدر على تناسي ما أقرا عنه بين الحين والآخر على أعمدة الصحف أو برنامج تلفازي عن أوضاع ما زالت وإن خفت الضرب أو أنخفض في ممارسته فأوجه منه ما زالت باقية ومتمثلة في عنف نفسي لا يمكن رصده إلا من خلال آثاره على بعض الأطفال. لعجز في تعامل بعض من معلمينا ومد رائنا مع أطفالنا الطبيعيين الذين يجهلون إن طبيعة الطفولة المبكرة كثيرا من سلوكياتها تمليه المرحلة وبعضا من سلوكياته لدى بعض الأطفال يقف خلفه اضطراب فرط الحركة المصحوب بالتشتت والاندفاعية حالات تتطلب معرفة مسبقة وقرار في توجيهها إلى المختص وليس بقائها واكتشاف ما تعانيه بعد خسارات لن يشعر بآثارها إلا الطفل وأسرته .

•ما نحتاج إليه ضمن مناهج تعليمنا العام برامج هادفة ومعدة خصيصا لكافة الإعاقات تتضمن معلومات ومهارات وخبرات تجاه الإعاقة بعدها سنرى نتائج ذلك عبر أتمام الطالب سنوات دراسته وتخرجه من المرحلة الجامعية مع تزامن لا ينقطع من وسائل الإعلام لأفراد المجتمع لأحدث الوعي والمتابعة الجادة لكل جديد وكل نتائج بحث ودراسة تتناول تلك الفئة ، لكن أن نكتفي بأيام تسمى اليوم العالمي للمكفوفين أو يوم عالمي للتوحد أو يوم عالمي للصم فلن يحقق ذلك ومضة في عتمة .

•نحن في حاجة إلى معلمين يحملون اتجاهات إيجابية نحو التدريس قبل تخرجهم وبعد تخرجهم من خلال مقياس للاتجاه والميل نحو مهنة التدريس إضافة إلى توفر سمات أخرى ضرورية لمن يمتهن العليم كالاتزان الانفعالي والثقة بالنفس ، وضبط الذات ، والنضج الاجتماعي ، وتقبل النقد ، والقدرة على فهم الآخرين والتعامل معهم مع إيمان تام أنها مهنة الأنبياء والمصلحين .

همسه:

-الطفل الطبيعي يعاني إذن كيف حال الطفل ذوي الحاجات الخاصة.
-أيدرك معلمينا حاجات الطفل ذوي الاحتياجات الخاصة؟
-فقط أغمض عينيك بعد قرأت المقالة ، وتخيل لمدة خمس دقائق أن لطوفي أختك أو ابنتك


الطالبة : منيرة السبيعي

هناك تعليقان (2):

  1. موضوع جميل ...
    بوركت جهودكم...

    اللولو السالم

    ردحذف
  2. موضوع جميل شاكرة لكن جهودكن
    ألاء عبد الرحمن النمري

    ردحذف